ضرب اللواء المتقاعد "خليفة حفتر" بتنصيب نفسه حاكماً على إدارة شؤون ليبيا وإسقاط الاتفاق السياسي الموقع في "الصخيرات" المغربية في ديسمبر/كانون الأول 2016 عرض الحائط، ما يفتح الباب أمام الكثير من علامات الاستفهام، حول توقيت هذه الخطوة وأسبابها وتداعياتها بعد فشل الحملة العسكرية التي قادها في طرابلس، وقد قوبل إعلان حفتر برفض كبير على المستويين المحلي والدولي .
وقد ظهرت الخلافات العميقة بين حفتر ورئيس مجلس النواب في طبرق (شرق ليبيا) "عقيلة صالح" الذي يحظى بدعم قبلي، حول طرق حل الأزمة شرقي البلاد، بدوره لم يعقب مجلس النواب على القرارات الصادرة من حفتر.
حيث أطلق "عقيلة صالح" الخميس الماضي، مبادرة ذات ثمانية بنود للتوصل لحل سلمي للأزمة الليبية بعيداً عن الحلول العسكرية، ليخرج بعدها حفتر بساعات طالباً ما أسماه "تفويض الشعب الليبي" لتنصيب نفسه حاكماً على إدارة شؤون البلاد.
من الجدير بالذكر أن اللواء الليبي المتقاعد "خليفة حفتر" لم يعترف باتفاق "الصخيرات" ، رافضاً ماقال أنّه سيطرة حكومة "الوفاق الوطني" على شرق ليبيا والتي تمثل معقله الرئيس.
وتتنافس قوات حفتر مع حكومة الوفاق على "الشرعية والسلطة" في ليبيا التي تعتبر من الدول الغنية بالنفط، وتواصل هجومها الذي بدأته في 9 نيسان العام المنصرم، للسيطرة على العاصمة طرابلس، مقر الحكومة.
في الحقيقة، يتجه الوضع الليبي نحو التأزم بشكل مخيف، فاللاعبون على الساحة الليبية كثر، ومايعنيهم فقط، قطعة أكبر من الكعكة الليبية، وبالعودة إلى آخر مستجدات الوضع الليبي يمكننا تلخيص أبرز التداعيات المحتملة بعد أن نصب اللواء المتقاعد "خليفة حفتر" نفسه حاكماً على ليبيا :
أولاً: تُهدد خطوة حفتر المثيرة للاستغراب أي مجال للتعاون السياسي المستقبلي مع حكومة الوفاق الوطني برئاسة "فايز السراج" والتي تتلقى دعماً تركياً غير محدود، بدءاً من إمدادات السلاح ، وليس انتهاء عند جلب المرتزقة، ولايغيب عن بال أحد الاتفاق الموقع مع تركيا حول ماقالوا أنَّه "ترسيم الحدود البحرية".
ثانياً: نظراً إلى خطورة الوضع الذي تعاني منه ليبيا، فإن طريق الحل سيصبح أبعد، والشرخ العميق بين الطرفين سيزداد اتساعاً، مع كثرة التدخلات على الساحة الليبية وتحول هذا البلد إلى مأوى للمرتزقة والإرهابيين، فيما يقامر رجال السياسة بمصير شعب بأكمله.
ثالثا: إن إعلان "خليفة حفتر" سيعقبه حتماً اجراءات عملية موازية على الأرض، على سبيل المثال لا الحصر، خطوات في إطار تشكيل حكومة ربما نشهد الحديث عنها في الأيام المقبلة، بالإضافة إلى أن المعركة في العاصمة طرابلس لم تحسم بعد فمن غير المعروف ماذا يمكن أن يحدث في هذا الاتجاه، ولايجهل أحد أهمية السيطرة على العاصمة ومايتبعها من انعكاسات سواء على الصعيد الدولي أو الداخلي، وعن ردة الفعل من قبل الأطراف الدولية إزاء هذه الخطوة، فمن المؤكد أن المجتمع الدولي لن يقبل بأي شكل من الأشكال أي تحرك من قبل حفتر لتحقيق مبتغاه.
رابعاً: كالعادة وفي كل الحروب، الجميع يدعى أنَّه يقوم بحماية المدنيين، ومايزيد الوضع سوءاً في ليبيا، توافد الآلاف من "المسلحین السوريين" بدعم تركي فاضح، حيث أشارت تقارير إلى أن تركيا تواصل نقل مرتزقتها من الأماكن التي يسيطر عليها الإرهابيون في سورية للقتال إلى جانب ميليشيات حكومة طرابلس، إضافة إلى أطنان الأسلحة المنتشرة في البلاد، بالتزامن مع صمت دولي مريب خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يفترض أنه يتولى مراقبة تدفق الأسلحة إلى ليبيا، بالتالي فإن المواطن الليبي سيذوق الأمرين مع اتجاه الأمور نحو الهاوية، وإن هذه الخطوات التصعيدية تهدد وحدة وسلامة الأراضي الليبية بكل ماتعنيه كلمة تهديد من معنى، خاصة مع جود من يعتبر أن تقسيم البلدان وتفتيتها، وبث الرعب والخراب والإرهاب فيها، ورقة رابحة في عالم السياسة والحروب.
خامساً: مع ضياع القرار السياسي في البلاد، بالإضافة إلى خطوات حفتر التصعيدية، لن نسمع بشيء يخص الانتخابات على المدى القريب، وهذا ماتؤكده التدخلات والمنافسات والمقامرات السياسية، وعلى مايبدو فإن الحرب للأسف ستشتعل من جديد، مع استمرار الصراع في البلاد بين قوات حفتر والميليشيات التي تسيطر على العاصمة طرابلس، مايرجئ الحديث عن صياغة دستور البلاد، ويؤخر أحلام الليبيين في استقرار سياسي تحققه انتخابات رئاسية وبرلمانية.
المصدر الوقت
URL تعقيب: https://www.ansarpress.com/arabic/16636
الكلمات: